أبو عبد الله محمد المقتفي لأمر الله، هو أبو عبد الله الحسين المقتفي لأمر الله بن المستظهر (ت. ثاني ربيع الأول سنة 555هـ=12 مارس 1160)الخليفة 31 من خلفاء الدولة العباسية. الخلافة بويع له بالخلافة في 8ذي الحجة سنة 530هـ. (7 سبتمر 1136) عند خلع ابن أخيه وعمره أربعون سنه وسبب تلقيبه بالمقتفي أنه رأى في منامه قبل أن يستخلف بستة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له سيصل هذا الأمر إليك فاقتف لأمر الله فلقب المقتفي لأمر الله وبعث السلطان مسعود بعد أن أظهر العدل ومهد بغداد فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دواب وأثاث وذهب وستور وسرادق ولم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس وثمانية أبغال برسم الماء فيقال: إنهم بايعوا المقتفي على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر.. حدث في خلافته في سنة 531هـ أخذ السلطان مسعود جميع تعلق الخليفة ولم يترك له إلا العقار الخاص وأرسل وزيره يطلب من الخليفة مائة ألف دينار فقال المقتفي ما رأينا أعجب من أمرك أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله فجرى ما جرى وأن الراشد ولي ففعل ما فعل ورحل وأخذ ما تبقى ولم يبق إلا الأثاث فأخذته كله وتصرفت في دار الضرب وأخذت التركات والجوالي فمن أي وجه نقيم لك هذا المال وما بقي إلا أن نخرج من الدار ونسلمها فإني عاهدت الله أن لا آخذ من المسلمين حبة ظلماً فترك السلطان الأخذ من الخليفة وعاد إلى جباية الأملاك من الناس وصادر التجار فلقي الناس من ذلك شدة ثم في جمادى الأولى أعيدت بلاد الخليفة معاملاته والتركات إليه. وفي هذه السنة رقب الهلال ليلة الثلاثين من شهر رمضان فلم ير فأصبح أهل بغداد صائمين لتمام العدة فلما أمسوا رقبوا الهلال فما رأوه أيضاً وكانت السماء جليلة صاحية ومثل هذا لم يسمع بمثله في التواريخ.
في سنة 533هـ كان ببحترة زلزلة عظيمة عشرة فراسخ في مثلها فأهلكت خلائق ثم خسف ببحترة وصار مكان البلد ماء أسود. وفيها استولى الأمراء على مغلات البلاد وعجز السلطان مسعود ولم يبق له إلا الاسم وتضعضع أيضاً أمر السلطان سنجر فسبحان مذل الجبابرة وتمكن الخليفة المفتفي وزادت حرمته وعلت كلمته وكان ذلك مبدأ صلاح الدولة العباسية فلله الحمد.
في سنة 541هـ قدم السلطان مسعود بغداد وعمل دار ضرب فقبض الخليفة على الضراب الذي تسبب في إقامة دار الضرب فقبض مسعود على حاجب الخليفة فغضب الخليفة وغلق الجامع والمساجد ثلاثة أيام ثم أطلق الحاجب فأطلق الضراب وسكن الأمر. وفيها جلس أبن العبادي الواعظ فحضر السلطان مسعود وتعرض بذكر مكس البيع وما جرى على الناس ثم قال يا سلطان العالم أنت تهب في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يؤخذ من المسلمين فاحسبني ذلك المطرب وهبه لي واجعله شكراً لله بما أنعم عليك فأجاب ونودي في البلد بإسقاطه وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكوس وبين يديه الدباب والبوقات وسمرت ولم تزل إلى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح وقال ما لنا حاجة بآثار الأعاجم.
في سنة 543هـ حاصرت الفرنج دمشق فوصل إليها نور الدين محمود بن زنكي وهو صاحب حلب يومئذ وأخوه غازي صاحب الموصل فنصر المسلون وهزم الفرنج واستمر نور الدين في قتال الفرنج وأخذ ما استولوا عليه من بلاد المسلمين.
في سنة 544هـ مات صاحب مصر الحافظ لدين الله وأقيم ابنه الظافر إسماعيل. وفيها جاءت زلزلة عظيمة وماجت بغداد نحو عشر مرات وتقطع منه جبل بحلوان.
في سنة 545هـ جاء باليمن بمطر كله دم وصارت الأرض مرشوشة بالدم وبقي أثره في ثياب الناس.
في سنة 547هـ مات السلطان مسعود. قال ابن هبيرة وهو وزير المقتفي لما تطاول على المقتفي أصحاب مسعود وأساءوا الأدب ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة اتفق الرأي على الدعاء عليه شهراً كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان شهراً فابتدأ هو والخليفة سراً كل واحد في موضعه يدعو سحراً من ليلة 29 من جمادى الأولي واستمر الأمر كل ليلة فلما تكامل الشهر مات مسعود على سريره ولم يزد على الشهر يوماً ولا نقص يوماً. واتفق العسكر على سلطنة ملكشاة وقام بأمره خاصبك ثم أن خاصبك قبض على ملكشاة وطلب أخاه محمداً من خوزستان فجاءه فسلم إليه السلطنة وأمر الخليفة حينئذ ونهى ونفذت كلمته وعزل من كان السلطان ولاه مدرساً بالنظامية وبلغه أن في نواحي واسط تخبطاً فسار بعسكره ومهد البلاد ودخل الحلة والكوفة ثم عاد إلى بغداد مؤيداً منصوراً وزينت بغداد.
في سنة 548هـ خرجت الغز على السلطان سنجر وأسروه وأذاقوه الذل وملكوا بلاده وبقوا الخطبة باسمه وبقي معهم صورة بلا معنى وصار يبكي على نفسه وله اسم السلطنة وراتبه في قدر راتب سائس من ساسته.
في سنة 549هـ قتل بمصر صاحبها الظافر بالله العبيدي وأقاموا ابنه الفائز عيسى صبياً صغيراً ووهى أمر المصريين فكتب المقتفي عهداً لنور الدين محمود بن زنكي وولاه مصر وأمره بالمسير إليها وكان مشغولا بحرب الفرنج وهو لا يفتر من الجهاد وكان تملك دمشق في صفر من هذا العام وملك عدة قلاع وحصون بالسيف وبالأمان من بلاد الروم وعظمت ممالكه وبعد صيته فبعث إليه المقتفي تقليداً وأمره بالمسير إلى مصر ولقبه بالملك العادل وعظم سلطان المقتفي واشتدت شوكته واستظهر على المخالفين وأجمع على قصد الجهات المخالفة لأمره ولم يزل أمره في تزايد وعلوا إلى أن
وفاته استمر بالخلافة إلى أن مات ليلة الأحد 2ربيع الأول سنة 555هـ، (12 مارس 1160). صفاته قال الذهبي: كان المقتفي من سروات الخلفاء عالماً أديباً شجاعاً حليماً دمث الأخلاق كامل السؤدد خليقاً للإمامة قليل المثل في الأئمة لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه وكتب في خلافته ثلاث ربعات وسمع الحديث من مؤدبه أبي البركات بن أبي الفرج بن السني. قال ابن السمعاني: وسمع جزء ابن عرفة مع أخيه المسترشد من أبي القاسم بن بيان روى عنه أبو منصور الجواليقي اللغوي إمامه والوزير ابن هبيرة وزيره وغيرهما. وقد جدد المقتفي باباً للكعبة واتخذ من العقيق تابوتاً لدفنه وكان محمود السيرة مشكور الدولة يرجع إلى دين وعقل وفضل ورأي وسياسة جدد معالم الإمامة ومهد رسوم الخلافة وباشر الأمور بنفسه وغزا غير مرة وامتدت أيامه. وقال أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي في كتاب المناقب العباسية: كانت أيام المقتفي نضرة بالعدل زاهرة بفعل الخيرات وكان على قدم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه وكان في أول أمره متشاغلا بالدين ونسخ العلوم وقراءة القرآن ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعته مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت. وقال ابن الجوزي: من أيام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ولم يبق له منازع وقبل ذلك من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من الملوك وليس للخليفة معهم إلا اسم الخلافة ومن سلاطين دولته السلطان سنجر صاحب خرسان والسلطان نور الدين محمود صاحب الشام وكان جواداً كريماً محباً للحديث وسماعه معتنياً بالعلم مكرماً لأهله. مات في أيامه مات في أيام المقتفي من الأعلام: ابن الأبرش النحوي ويونس بن غيث وجمال الإسلام بن المسلم الشافعي وأبو القاسم الأصفهاني صاحب الترغيب وابن برجان والمازري المالكي صاحب كتاب المعلم بفوائد مسلم والزمخشري والرشاطي صاحب الأنساب والجواليقي وهو إمامه وابن عطيه صاحب التفسير وأبو السعادات ابن الشجري والإمام أبو بكر ابن العربي وناصح الدين الأرجاني الشاعر والقاضي عياض والحافظ أبو الوليد بن الدباغ وأبو الأسعد هبة الرحمن القشيري وابن علام الفرس المقرئ والرفاء الشاعر والشهرستاني صاحب الملل والنحل والقيسراني الشاعر ومحمد بن يحيى تلميذ الغزالي وأبو الفضل بن ناصر الحافظ وأبو الكرم الشهرزوري المقرئ والوأواء الشاعر وابن الجلاء إمام الشافعية وخلائق آخرون. |
aowdhj jhvdpdm hsghldm _hglrjtn gHlv hggi_ Hf, uf] hggi hgpsdk hglrjtd fk
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire